للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر عند رواية شريك: "ظاهر هذا يخالف حديث مالك بن صعصعة، فإن فيه بعد ذكر سدرة المنتهى: (فإذا في أصلها أربعة أنهار)، ويجمع بأن أصل نبعهما من تحت سدرة المنتهى، ومقرهما في السماء الدنيا، ومنها ينزلان إلى الأرض" (١).

وقال نقلًا عن ابن دحية (٢): "الجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد بالعنصر: عنصر امتيازهما في السماء الدنيا" (٣).

وهذا الجواب فيه بعد، وما ذكره الحافظ ابن حجر يشكل عليه أنه جاء في رواية شريك قوله: (هذا النيل والفرات عُنْصُرُهُمَا) أي: أصلهما، والله أعلم.

سادسًا: جاء في روايته ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا، والمشهور الثابت أنه في الجنة، كما جاء في حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الكوثر نهر في الجنة) (٤).

وعن أنس -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)} أن


(١) فتح الباري (١٣/ ٤٨٢)، وانظر: (١٣/ ٤٨٥).
(٢) هو العلامة أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي بن الجُميل الكلبي الأندلسي الداني الأصل ثم السبتي، الحافظ اللغوي الظاهري المذهب -يذكر أنه من ولد دحية الكلبي- كان بصيرًا بالحديث معنيًا بتقييده مكبًا على سماعه، عيب عليه أنه كان يثلب علماء المسلمين، ويقع في أئمة الدين، ومن أجل ذلك ترك الناس كلامه، توفي رحمه الله سنة (٦٣٣ هـ). [انظر: وفيات الأعيان (٣/ ٣٩٣)، وتذكرة الحفاظ (٤/ ١٤٢٠)، والعبر (٣/ ٢١٧)، وشذرات الذهب (٥/ ١٦٠)].
(٣) فتح الباري (٧/ ٢١٤).
(٤) أخرجه الترمذي (تحفة ٩/ ٢٩٤) ح (٣٤١٩)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه (٢/ ١٤٥٠) ح (٤٣٣٤)، وأحمد (٩/ ٢٥٧) ح (٥٣٥٥)، وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١٣٥) ح (٢٦٧٧).

<<  <   >  >>