للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان المراد: الإذن الشرعي -وهو الأقرب- فهو محتمل لكنه يحتاج إلى دليل، والله أعلم.

وقد قال القرطبي عن هذا القول: "هذا ليس بجواب، فإنه إنما وقع الإشكال في صدور سبب هذا الامتحان من موسى، وكيف يجوز وقوع مثل هذا؟ " (١).

وأما القول الرابع وهو: أن المراد بالحديث: أن موسى عليه السلام ناظر ملك الموت فغلبه بالحجة، فقول باطل، لأنه مخالف لظاهر الحديث وما يقتضيه سياقه.

قال قِوَام السنة الأصبهاني: "هذا الحديث: حكم أهل الحفظ بصحته، وحمله أهل السنة على ظاهره، وأن ذلك الفعل كان من موسى عليه السلام، على الحقيقة"، إلى أن قال: "وقول من قال: معنى اللطمة: إلزام الحجة، غلط، لأن في الخبر أنه عرج إلى ربه فرد عليه عينه، ولا يكون هذا إلا في عين حقيقة، لأن التي ليست بحقيقة لا تحتاج إلى ردها.

وقوله: اللطمة: إلزام الحجة: لو كانت اللطمة إلزام الحجة لم يعد إلى قبض روحه، لأن الحجة قد لزمته في ترك قبض روحه" (٢).

وقال ابن حجر عن هذا القول: "هو مردود بقوله في نفس الحديث: (فرد الله عينه)، وبقوله: (لطمه) و (صكه) وغير ذلك من قرائن السياق" (٣).

وأما القول الخامس وهو: أن موسى قد لطم ملك الموت وهو يعرفه، لأنه لم يُخيِّره، ففيه نظر من وجهين:

الأول: أنه من المستبعد جدًا أن يصدر هذا الفعل من كليم الرحمن


(١) المفهم (٦/ ٢٢١).
(٢) الحجة (٢/ ٤٣٦ - ٤٣٧)، وانظر: المعلم (٣/ ١٣٣)، والمفهم (٦/ ٢٢١).
(٣) الفتح (٦/ ٤٤٢ - ٤٤٣).

<<  <   >  >>