للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حديث أنس -رضي الله عنه-: (أول أشراط الساعة نار تحشر الناس ... )، فقد أجاب عنه ابن حجر -كما تقدم- بأن المراد: أن النار أول الآيات المؤذنة بقيام الساعة.

وأولى من هذا الجواب ما دلَّ النص عليه حيث أخرج الإمام أحمد هذا الحديث بلفظ: (وأما أول شيء يحشر الناس فنار تخرج ... ) (١)، وهذا يؤيد ما تقدم من كون الأولية هنا نسبية لا مطلقة.

وقد أخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة فقال في آخرها: (وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم).

قال ابن حجر: "وهذا في الظاهر يعارض حديث أنس"، ثم قال: "ويجمع بينهما: بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلًا، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها، فإنه يبقى بعد كل آية أشياء من أمور الدنيا" (٢).

ولكن الذي يظهر أن المراد بأوليتها ما تقدم في رواية الإمام أحمد: أنها أول ما يحشر الناس، وأما آخريتها فالمتعين ما ذكره الحافظ بن حجر، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) المسند (٢١/ ٣٤٩) ح (١٣٨٦٨)، وقال المحقق: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(٢) الفتح (١٣/ ٨٢).

<<  <   >  >>