للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: الترجيح

الذي يترجح -والله تعالى أعلم بالصواب- أن الزمان نفسه يتقارب حقيقة تقاربًا حسيًا، وذلك بنقصه وقصره عمَّا هو معتاد -على ما جاء في القول الأول- وذلك في آخر الزمان، لكن لا يصح الجزم بأن ذلك إنما يكون إذا طلعت الشمس من مغربها.

ومما يدل على هذا القول ما يلي:

١ - أن هذا هو ظاهر الحديث، وقد جاء ما يؤيده ويبين مراده، كما عند الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة) (١).

فهذا الحديث صريح في بيان المراد، ولذا قال الكرماني: "تقارب الزمان مجمل، وبيانه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة ... ) " (٢).

وقال ابن أبي جمرة: "يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان: قصره على ما وقع في حديث: (لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر)، وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسيًا ويحتمل أن يكون معنويًا، فأما الحسي فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة، وأما المعنوي


(١) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه ص (٥٩٤).
(٢) الكواكب الدراري (٦/ ١٢٢).

<<  <   >  >>