للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس بينه وبين القيامة نبي، ثم بَيَّنَ -صلى الله عليه وسلم- ما يليه من الأشراط فقال: (أن تلد الأمة ربتها) " (١).

وكذا موته عليه الصلاة والسلام من أشراط الساعة، فقد أخرج البخاري من حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي ... ) (٢).

فكون ما جاء بعده بزمن يسير من أشراط الساعة من باب أولى.

وقد أخبر النبى -صلى الله عليه وسلم- عن عدد من أشراط الساعة فوقعت بعد موته بزمن يسير، كقوله -صلى الله عليه وسلم- -كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه--: (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، يكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة) (٣)، فقد ذكر بعض أهل العلم، كالبيهقي (٤)، وابن حجر (٥)، وغيرهما (٦)، أن المراد بذلك ما حصل بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- في موقعة صفين، والله أعلم.

وأما القول الثاني وهو أن المراد: الإخبار عن كثرة بيع أمهات الأولاد، حتى إن بعض ولدها ربما اشتراها واستخدمها جاهلًا بأنها أمه، فيشكل عليه أن المفهوم من ظاهر الحديث أن ولدها يكون ربها وسيدها حال ولادتها له، بل وقبل ذلك، ولهذا استبعد هذا القول الحافظ ابن رجب حيث قال: "في هذا القول نظر وبعد" (٧).

وأما القول الثالث وهو أن المراد: الإخبار عن كثرة العقوق في


(١) التذكرة (٢/ ٤٧٤)، ونقل نحوًا منه عن الضحاك والحسن عليهما رحمة الله.
(٢) صحيح البخاري (٣/ ١١٥٩) ح (٣٠٠٥).
(٣) متفق عليه: البخاري (٦/ ٢٦٠٥) ح (٦٧٠٤)، ومسلم (١٨/ ٢٢٨) ح (٢٨٨٨).
(٤) انظر: دلائل النبوة (٦/ ٤١٨).
(٥) انظر: الفتح (١٣/ ٨٥).
(٦) انظر: شرح النووي على مسلم (١٨/ ٢٣٠).
(٧) فتح الباري (١/ ٢١٩).

<<  <   >  >>