للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احْضُرْ وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: فإنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء) (١).

قال القرطبي: "قوله: (فيخرج له بطاقة)، وذلك يدل على الميزان الحقيقي، وأن الموزون صحف الأعمال" (٢).

وقال مرعي بن يوسف: "فثبت بهذا الحديث الصحيح أن الموزون إنما هو صحائف الأعمال" (٣).

ومما أيدوا به قولهم هذا -أيضًا- أن قالوا: إن وزن الأعمال قد استُشكل، لأنها أعراض، والأعراض لا توصف بثقل ولا خفة، ولا تقبل الوزن، والقول: بأن الموزون هو الصحائف التي تكتب فيها الأعمال يرفع هذا الإشكال، لأن الصحائف أجسام (٤).

قال الشيخ ابن عثيمين: "وجمع بعض العلماء بين هذه النصوص بأن ... الوزن حقيقة للصحائف، وحيث إنها تثقل وتخف بحسب الأعمال المكتوبة صار الوزن كأنه للأعمال، وأما وزن صاحب العمل فالمراد به قدره وحرمته، وهذا جمع حسن، والله أعلم" (٥).


(١) أخرجه الترمذي (تحفة ٧/ ٣٩٥) ح (٢٧٧٦)، وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وابن ماجه (٢/ ١٤٣٧) ح (٤٣٠٠)، وأحمد (١١/ ١٧٥) ح (٦٩٩٤)، والحاكم (١/ ٤٦) ح (٩)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، قال الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٢١٢): "وهو كما قالا"، وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند، ولأبي القاسم حمزة الكناني جزء حديثي لطيف سماه: (جزء البطاقة) أورد فيه بإسناده أحد عشر حديثًا في مواضيع مختلفه، كان هذا الحديث هو الحديث الثاني منها، وقال عنه: "هو من أحسن الحديث" [انظر: مقدمته (٥) بتحقيق الدكتور عبد الرزاق البدر].
(٢) التذكرة (٢/ ١٧).
(٣) بهجة الناظرين (٥٢٩)، وانظر: تحقيق البرهان (٥٩)، ولوامع الأنوار (٢/ ١٨٧).
(٤) انظر: التذكرة (٢/ ١٦)، والجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٦٥)، والفتح (١٣/ ٥٣٩).
(٥) شرح لمعة الاعتقاد (١٢١).

<<  <   >  >>