للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي منادٍ: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيَشْرَئِبُّون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)} [مريم: ٣٩]) (١).

وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كانهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)، رواه مسلم (٢).

ولا ريب أن تجسيد الأعمال يوم القيامة ثم وزنها أمر محتمل، لكن لا ينبغي الجزم به لعدم الدليل عليه (٣)، فكيفية وزن الأعمال يوم القيامة من أمور الغيب، والذي يجب فيها: أن نقف عند حدود ما ورد به النص، فنؤمن بها كما جاءت، ولا نكلف أنفسنا عناء الخوض في كيفيتها وأمورها التفصيلية إلا على ضوء ما ورد به الشرع، والله أعلم.

قال ابن تيمية: "وأما كيفية تلك الموازين فهو بمنزلة كيفية سائر ما أُخبرنا به من الغيب" (٤).

وقال ابن أبي العز: "فثبت وزن الأعمال والعامل وصحائف الأعمال،


(١) صحيح البخاري (٤/ ١٧٦٠) ح (٤٤٥٣)، وصحيح مسلم (١٧/ ١٩٠) ح (٢٨٤٩).
(٢) صحيح مسلم (٦/ ٣٣٧) ح (٨٠٤).
(٣) انظر: الحياة الآخرة للدكتور غالب العواجي (٣/ ١١٤٠).
(٤) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٠٢).

<<  <   >  >>