للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} [المدثر: ٤٨] " (١) أي: كيف نفعت شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا طالب -حيث سُئل: هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فقال: (نعم) - وقد أخبر الله تعالى أن الكافرين لا تنفعهم شفاعة الشافعين، ومعلوم أن أبا طالب قد مات على الكفر، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرَتْ أبا طالب الوفاةُ، جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال: (أي عمِّ، قل: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله)، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرضها عليه، ويُعيدانه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والله لأستغفرن لك ما لم أُنهَ عنك)، فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣]، وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] (٢).

قال ابن حجر عن آية القصص: "لم تختلف النقلة في أنها نزلت في أبي طالب" (٣).

* * *


(١) الفتح (١١/ ٤٣١)، وانظر: إكمال المعلم (١/ ٥٩٦)، والمفهم (١/ ٤٥٧).
(٢) البخاري (٤/ ١٧٨٨) ح (٤٤٩٤)، ومسلم (١/ ٣٢٧) ح (٢٤).
(٣) الفتح (٨/ ٥٠٦).

<<  <   >  >>