للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢] (١).

وعن قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك، عن أبي طلحة: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقُذفوا في طَويٍّ (٢) من أطواء بدر، خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة (٣) ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فَشُدَّ عليها رحلها، ثم مشى واتَّبعه أصحابه، وقالوا: ما نُرَى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شَفَةِ الرَّكِيِّ (٤)، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: (يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ ) قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)، قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخًا وتصغيرًا ونقمةً وحسرةً وندمًا. متفق عليه (٥).

وثبت هذا الحديث -أعني: حديث القليب- عند مسلم من طريق


(١) متفق عليه: البخاري: كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل (٤/ ١٤٦٢) ح (٣٧٥٩)، ومسلم: كتاب الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٦/ ٤٨٨) ح (٩٣٢).
(٢) الطوي: هي البئر التي طويت وبنيت بالحجارة، لئلا تنهار. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (٢٦٧)، والمجموع المغيث (٢/ ٣٧٥)، والفتح (٧/ ٣٠٢)].
(٣) العرصة: كل موضع واسع لا بناء فيه. [انظر: المجموع المغيث (٢/ ٤٢٢)، والنهاية (٣/ ٢٠٨)].
(٤) أي: طرف البئر. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (٢٦٧)، والمجموع المغيث (١/ ٧٩٨)، والنهاية (٢/ ٢٦١)، والفتح (٧/ ٣٠٢)].
(٥) البخاري: كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل (٤/ ١٤٦١) ح (٣٧٥٧)، ومسلم -بدون قول قتادة-: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر، والتعوذ منه (١٧/ ٢١٢) ح (٢٨٧٥)، وأخرجه أيضا عن أنس -رضي الله عنه-، ولم يذكر فيه أبا طلحة: ح (٢٨٤٧).

<<  <   >  >>