للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهم (١).

قال ابن أبي عاصم: "والأخبار التي في قليب بدر، ونداء النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهم، وما أخبر أنهم يسمعون كلامه، أخبار ثابتة توجب العمل والمحاسبة" (٢).

وأما الآية وهي قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠]، فقد أجابوا عنها بعدة أجوبة (٣).

قال الشنقيطي: "اعلم أن التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرآنية، واستقراء القرآن أن معنى قوله هنا: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} لا يصح فيه من أقوال العلماء إلا تفسيران:

الأول: أن المعنى: إنك لا تسمع الموتى، أي: لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدىً وانتفاع، لأن الله كتب عليهم الشقاء، فختم على قلوبهم، وعلى سمعهم، وجعل على قلوبهم الأكنة، وفي آذنهم الوقر، وعلى أبصارهم الغشاوة، فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع ...

التفسير الثاني: هو أن المراد بالموتى: الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وأن هذا مَثَلٌ ضُرِبَ للكفار، والكفار يسمعون الصوت، لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتباع، كما قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: ١٧١]، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع، كما لم يُنفَ ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، وأما سماع آخر فلا" (٤).


(١) انظر: فتح القدير (٤/ ١٥١)، والآيات البينات (٥٥ - ٥٦، ٦٨).
(٢) السنة (٤١٤).
(٣) انظر: الفتح (٣/ ٢٣٤ - ٢٣٥).
(٤) أضواء البيان (٦/ ٤١٦ - ٤٢١)، وقد تكلم على معنى هذه الآية وقرره بكلام =

<<  <   >  >>