للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام: (إنه ليسمع قرع نعالهم) (١)، وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره وجوابه لهما، وغير ذلك" (٢).

وهذا القول قريب من سابقه، فإن كلًا منهما لم يطلق القول: بالسماع، إلا أن القول السابق جعل السماع أصلًا، استنادًا إلى ما ورد من الأحاديث، وأما أصحاب هذا القول فقد جعلوا عدم السماع أصلًا، استنادًا إلى ما ورد من الآيات وغيرها، ولم يستثنوا من ذلك إلا ما ورد النص بإثباته.

قال الألباني: "وخلاصة البحث والتحقيق: أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم ... على أن الموتى لا يسمعون، وأن هذا هو الأصل، فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال، كما في حديث خفق النعال، أو أن بعضهم سمع في وقت ما، كما في حديث القليب، فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلًا، فيقال: إن الموتى يسمعون، كما فعل بعضهم، كلا فإنها قضايا جزئية، لا تشكل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور، بل الحق أنه يجب أن تستثنى منه، على قاعدة استثناء الأقل من الأكثر، أو الخاص من العام، كما هو المقرر في علم أصول الفقه" (٣).

وعمدة هؤلاء فيما ذهبوا إليه أمران:

١ - الآيات الواردة في نفي سماع الموتى، والتي منها:

- الآيتان اللتان استدلت بهما عائشة -رضي الله عنها-، وهما: قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠)} [النمل: ٨٠]، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢].

فقالوا: لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى المراد


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) التذكرة (١/ ٢٢٧).
(٣) مقدمة الآيات البينات (٤٠).

<<  <   >  >>