للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموتى لا يسمعون بلا شك، لكن إذا أراد الله إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع، كقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] الآية، وقوله: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: ١١] الآية" (١).

وقال الشوكاني: "وظاهر نفي إسماع الموتى العموم، فلا يخص منه إلا ما ورد بدليل" (٢)، ثم مثل بحديث القليبب، وحديث سماع خفق النعال.

وقال الألباني: "اعلم أن كون الموتى يسمعون أو لا يسمعون، إنما هو أمر غيبي من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله عزَّ وجلَّ، فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء، وإنما يوقف فيه مع النص إثباتًا ونفيًا" (٣).

وهذا القول هو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، حيث قالت: "الأصل أن الموتى عمومًا لا يسمعون نداء الأحياء من بني آدم، ولا دعائهم، كما قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} " (٤).

ولا يخفى ما في هذا القول من إغلاق الباب على القبوريين، الذين يتشبثون بهذا الحديث وأمثاله، لإثبات جواز الاستغاثة بالموتى والتوسل بهم، بحجة أنهم يسمعون دعاءهم ونداءهم.

قال الألباني: "ومن المعلوم أن الاعتقاد بأن الموتى يسمعون، هو السبب الأقوى لوقوع كثير من المسلمين اليوم في الشرك الأكبر، ألا وهو


= بالفقه والتفسير، وله شرح على صحيح البخاري سماه: المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح، ينقل منه ابن حجر كثيرًا في الفتح، توفي سنة (٦١١). [انظر: كشف الظنون (١/ ٤٦)، وهدية العارفين (١/ ٦٣٥)، وشجرة النور (١٦٨)].
(١) الفتح (٤/ ٢٣٥).
(٢) فتح القدير (٤/ ١٥١).
(٣) الآيات البينات (٢١)، وانظر: (٢٠).
(٤) فتاوى اللجنة الدائمة (١/ ٤٧٢).

<<  <   >  >>