للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن يثبت سماع الراوي من شيخه (١).

ومثله مسلم، حيث قال: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه" (٢).

إلا أنه رحمه الله تعالى نزل في شرطه عن البخاري، فلم يشترط إلا المعاصرة مع إمكان اللقيا (٣).

لكنه تميَّز عن البخاري بميزة فريدة، وهي أنه يجمع طرق الحديث في مكان واحد، ولا يكررها -غالبًا- ولا يقطعها ولا يفرقها بين الكتب والأبواب، بخلاف البخاري رحمه الله تعالى فإنه يقطع الحديث الواحد حسب مواضيعه، فيضعه في موضعين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك، مما يُشَكِّلُ صعوبةً كبيرةً في الحصول على كامل الحديث.

قال النووي: "وقد انفرد مسلم بفائدة حسنة وهي كونه أسهل متناولًا، من حيث إنه جعل لكل حديث موضعًا واحدًا يليق به، جمع فيه طرقه التي ارتضاها واختار ذكرها، وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه، بخلاف البخاري فإنه يذكر تلك الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة، وكثير منها يذكره في غير بابه الذي يسبق إلى الفهم أنه أولى به، وذلك لدقيقة يفهمها البخاري منه، فيصعب على الطالب جمع طرقه وحصول الثقة بجميع ما ذكره البخاري من طرق هذا الحديث، فقد رأيت جماعة من الحفاظ المتأخرين غلطوا في مثل هذا، فنفوا رواية البخاري أحاديث هي موجودة في صحيحه في غير مَظَانِّهَا السابقة إلى الفهم" (٤).


(١) انظر: اختصار علوم الحديث، مطبوع مع شرحه الباعث الحثيث (٢٣).
(٢) مسلم بشرح النووي (٤/ ٣٦٥).
(٣) انظر: مسلم بشرح النووي (١/ ٢٤٤ - ٢٤٥).
(٤) مسلم بشرح النووي (١/ ١٢١).

<<  <   >  >>