للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المأخذ الثاني وهو: انتقاد بعض الأحاديث المخرجة في صحيحيهما، فقد انتدب لها عدد من العلماء والحفاظ فأجابوا عنها كلها، ومن أشهر من تعرض لذلك الإمام النووي في شرحه لمسلم، والحافظ ابن حجر في هدي الساري.

غير أنهما -وغيرهما من أهل العلم والحديث- قد استثنيا عددًا قليلًا من هذه الأحاديث المنتقدة يصعب الجواب عنها، لأن الحق فيها والصواب مع النقاد.

قال الإمام ابن الصلاح بعد تقريره لصحة ما في كتابي البخاري ومسلم، وأن الأمة قد تلقت ما فيهما بالقبول، قال: "إذا عرفت هذا فما أخذ عليهما من ذلك وقدح فيه معتمد من الحفاظ، فهو مستثنى مما ذكرناه لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول، وما ذلك إلا في مواضع قليلة" (١).

وقال النووي بعد ذكره لمن انتقد بعض أحاديث الصحيحين: "وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره" (٢).

قال ابن حجر تعليقًا على كلام النووي: "هو الصواب، فإن منها ما الجواب عنه غير منتهض" (٣).

وقال أيضًا، بعد جوابه عن كل الأحاديث المنتقدة على البخاري: "هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد، المطلعون على خفايا الطرق، وليس كلها من أفراد البخاري بل شاركه مسلم في كثير منها ... وليست كلها قادحة، بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مندفع، وبعضها الجواب عنه محتمل، واليسير منه في الجواب عنه تعسف" (٤).


(١) صيانة صحيح مسلم (٨٧).
(٢) شرح النووي على مسلم (١/ ١٣٧).
(٣) هدي الساري (٣٤٦).
(٤) المرجع السابق (٣٨٣)، وانظر: الروض الباسم لابن الوزير (١/ ١٥٨).

<<  <   >  >>