لأنهم يتسامحون في المتابعات والشواهد ما لا يتسامحون في غيرها، بل صرح مسلم في مقدمة "صحيحه"(٥): أنه ربما أخرج أحاديث بعض الضعفاء متابعة أو استشهادا.
وفي ذلك يقول الإمام ابن الصلاح رحمه الله:"اعلم: أنه قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتج بحديثه وحده بل يكون معدودا في الضعفاء. وفي كتاب البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكراهم في المتابعات والشواهد". "علوم الحديث"(٧٦).
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله:"واعلم أنه قد يخرج في الصحيح لبعض من تكلم فيه إما متابعة واستشهادا وذلك معلوم". "ملحق شرح العلل"(٤٦٧ - ٤٦٨).
وقال النووي رحمه الله في سياق الأعذار لمن أخرج له مسلم من الضعفاء في "صحيحه": "السبب الثاني: أن يكون ذلك واقعا في المتابعات والشواهد، لا في الأصول، وذلك بأن يذكر الحديث أولا بإسناد نظيف رجاله ثقات، ويجعله أصلا، ثم يتبعه بإسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قدمه". "شرح مسلم"(١/ ٢٥)(١).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:"ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه، وعدم غفلته ... هذا إذا خرّج له في الأصول، فأما إن أخرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم".
(١) وهو نص كلام ابن الصلاح في "صيانة صحيح مسلم" (٩٥) باختلاف يسير.