فقد تبين لك من خلال هذه النقول عن هؤلاء أن الشيخين قد يخرجان لبعض "الضعفاء" لا على سبيل الاعتماد إنما على سبيل الشواهد والمتابعات.
ولا يخفى ما في هذا التنبيه من الأهمية إذ الحديث لا يصح أن يحكم عليه أنه على شرط الشيخين أو أحدهما إلا إذا كان إخراجهما أو أحدهما لهذا الراوي على سبيل الاعتماد لا المتابعة والاستشهاد.
فقد سئل الحافظ عن حديث رواه حماد بن سلمة عن أيوب، فأجاب:"حماد بن سلمة لم يخرج له البخاري في الأصول وإن أخرج له قليلا في المتابعات، بل ومسلم وإن كان أكثر عنه لكنه لا يخرج له في الأصول إلا عن نفر قليل ممن كان اشتهر بإتقان حديثهم مثل ثابت البناني، وإذا أخرج له عن غيرهم فإنما يخرج له في المتابعات، ومن ثم يظهر أنه ليس على شرط مسلم أيضا؛ لأنه عن أيوب، ومن أجل عكرمة فإن مسلما لم يخرج له في الأصول شيئا، بل ولا في المتابعات إلا يسيرا". "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر"(٢/ ٩١٠ - ٩١١).
فأنت ترى أن الحافظ نفى أن يكون هذا الحديث على شرط الشيخين؛ لأن البخاري لم يخرج لحماد بن سلمة اعتمادا, ولأن مسلما وإن اعتمده إلا أنه لم يعتمده في أيوب، ولأن مسلما إنما أخرج لعكرمة متابعة لا استشهادا فلا يصح والحالة هذه أن يكون الحديث على شرطه.
وأصرح من ذلك كله: قول الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ينقسم (المستدرك) أقساما كل قسم منها يمكن تقسيمه: ...