وأما الوجه الثالث: فقال أبو طالب: قلت لأحمد: ما كان شأن عكرمة؟ قال: كان ابن سيرين لا يرضاه. قال:"كان يرى أجرة الخوارج، وكان يأتي الأمراء يطلب جوائزهم ولم يترك موضعا إلا خرج إليه".
وقال عبد العزيز بن أبي رواد: رأيت عكرمة بنيسابور فقلت له: تركت الحرمين وجئت إلى خراسان، قال: جئت أسعى على عيالي.
وقال أبو نعيم: قدم على الوالي بأصبهان فأجازه بثلاثة آلاف درهم.
هذا جميع ما قيل فيه من القدح.
فأما الوجه الأول: فقول ابن عمر لم يثبت عنه؛ لأنه من رواية أبي خلف الجزار عن يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر يقول ذلك، ويحيى البكاء متروك الحديث، قال ابن حبان:"ومن المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح" وقال ابن جرير: "إن ثبت هذا عن ابن عمر فهو محتمل لأوجه كثيرة لا يتعين منه القدح في جميع روايته، فقد يمكن أن يكون أنكر عليه مسألة من المسائل كذبه فيها" قلت: وهو احتمال صحيح؛ لأنه روي عن ابن عمر أنه أنكر عليه الرواية عن ابن عباس في الصرف. ثم استدل ابن جرير على أن ذلك لا يوجب قدحا فيه بما رواه الثقات عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال إذ قيل له إن نافعا مولى ابن عمر حدث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحل المكروه:"كذب العبد على أبي" قال ابن جرير: "ولم يروا ذلك من قول سالم في نافع جرحًا فينبغي أن لا يروا ذلك من ابن عمر في عكرمة جرحًا" وقال ابن حبان: "أهل الحجاز يطلقون كذب في موضع أخطأ" ذكر هذا في ترجمة برد من "كتاب الثقات" ويؤيد ذلك إطلاق عبادة بن الصامت قوله: "كذب أبو محمد" لما أخبر أنه يقول الوتر واجب؛ فإن أبا محمد لم يقله