للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية وإنما قاله اجتهادًا، والمجتهد لا يقال: "إنه كذب" إنما يقال: إنه أخطأ، وذكر ابن عبد البر لذلك أمثلة كثيرة.

وأما قول سعيد بن المسيب؛ فقال ابن جرير: "ليس ببعيد أن يكون الذي حكي عنه كالذي حكى عن ابن عمر" قلت: وهو كما قال فقد تبين ذلك من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بميمونة، ولقد ظلم عكرمة في ذلك؛ فإن هذا مروي عن ابن عباس من طرق كثيرة: أنه كان يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو محرم. ونظير ذلك ما تقدم عن عطاء وسعيد بن جبير.

ويقوي صحة ما حكاه ابن حبان أنهم يطلقون الكذب في موضع الخطأ ما سيأتي عن هؤلاء من الثناء عليه والتعظيم له فإنه دال على أن طعنهم عليه إنما هو في هذه المواضع المخصوصة.

وكذلك قول ابن سيرين الظاهر أنه طعن عليه من حيث الرأي، وإلا فقد قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: "ثبت عن ابن عباس" فإنما أخذه عن عكرمة، وكان لا يسميه؛ لأنه لم يكن يرضاه.

وأما رواية يزيد بن أبي زياد عن علي بن عبد الله بن عباس في تكذيبه، فقد ردها أبو حاتم بن حبان بضعف يزيد، وقال: "إن يزيد لا يحتج بنقله" وهو كما قال.

وأما ما روي عن يحيى بن سعيد في ذلك؛ فالظاهر أنه قلد فيه سعيد بن المسيب.

وأما قصة القاسم بن محمد فقد بين سببها، وليس بقادح؛ لأنه لا مانع أن يكون عند المتبحر في العلم في المسألة القولان والثلاثة فيخبر بما يستحضر منها. ويؤيد ذلك ما رواه ابن هبيرة قال قدم علينا عكرمة مصر فجعل يحدثنا بالحديث عن الرجل من الصحابة،

<<  <  ج: ص:  >  >>