للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يحدثنا بذلك الحديث عن غيره، فأتينا إسماعيل بن عبيد الأنصاري وكان قد سمع من ابن عباس فذكرنا ذلك له، فقال: أنا أخبره لكم، فأتاه فسأله عن أشياء كان سمعها من ابن عباس فأخبره بها على مثل ما سمع، قال: ثم أتيناه فسألناه، فقال: الرجل صدوق ولكنه سمع من العلم فأكثر فكلما سنح له طريق سلكه.

وقال أبو الأسود: كان عكرمة قليل العقل، وكان قد سمع الحديث من رجلين فكان إذا سئل حدث به عن رجل، ثم يسأل عنه بعد حين فيحدث به عن الآخر فيقولون: ما أكذبه! وهو صادق.

وقال سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال أيوب: قال عكرمة: "أرأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي أفلا يكذبوني في وجهي" يعني: أنهم إذا واجهوه بذلك أمكنه الجواب عنه والمخرج منه. وقال سليمان بن حرب: وجه هذا أنهم إذا رموه بالكذب لم يجدوا عليه حجة.

وأما طعن إبراهيم عليه بسبب رجوعه عن قوله في تفسير البطشة الكبرى إلى ما أخبره به عن ابن مسعود فالظاهر أن هذا يوجب الثناء على عكرمة لا القدح إذ كان يظن شيئًا فبلغه عمن هو أولى منه خلافه فترك قوله لأجل قوله.

وأما قصة القاسم بن معن ففيها دلالة على تحريه فإنه حدثه في المذاكرة بشيء يريد أن يكتبه عنه شك فيه فأخبره أنه إنما قاله برأيه، فهذا أولى أن يحمل عليه من أن يظن به أنه تعمد الكذب على ابن عباس - رضي الله عنه -.

وأما ذم مالك فقد بين سببه وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوارج، وقد جزم بذلك أبو حاتم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة فقال: ثقة، قلت: يحتج

<<  <  ج: ص:  >  >>