الضعفاء في "صحيحهما" احتجاجا لكونها انتقيا من حديث هؤلاء الضعفاء ما صح لديهما وما عرفا ثبوته من طرق أخرى خارج "الصحيح".
فإن قلت: إذا كان الحديث خارج "الصحيح" ثابتا من رواية الثقات فلماذا يعدل الشيخان عن تلك الطرق الصحيحة، ويخرجان في "صحيحيهما" عن هؤلاء الضعفاء؟
فالجواب: قال ابن الصلاح رحمه الله في سياق الأعذار لرواية مسلم عن بعض الضعفاء: "الرابع: أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده برواية الثقات نازل، فيذكر العالي ولا يطول بإضافة النازل إليه، مكتفيا بمعرفة أهل الشأن بذلك، وهذا العذر قد رويناه عنه تنصيصا، وهو على خلاف حاله فيما رواه أولًا عن الثقات، ثم أتبعه بالمتابعة عن من هو دونهم، وكان ذلك وقع منه على حسب حضور باعث النشاط وغيبته". "صيانة صحيح مسلم"(٩٧ - ٩٨).
ثم ساق ابن الصلاح أثر مسلم الذي سقناه عنه قبل وهو صريح جدًا في الموضوع.
وقال الحازمي:"ثم قد يكون الحديث عند البخاري ثابتا وله طرق بعضها أرفع من بعض، غير أنه يحيد أحيانا عن الطريق الأصح لنزوله، أو يسأم من تكرار الطرق، إلى غير ذلك من الأعذار، وقد صرح مسلم بنحو ذلك". "شروط الأئمة الخمسة"(٧٤).
وقال الحافظ ابن حجر:"فإن قيل: إذا كان الحديث عنده عن الثقة فلِم يرويه عن الضعيف؟
فالجواب: أنه يحتمل أنه لم يطلع على ضعف شيخه، أو اطلع لكن ذكره اعتمادا على صحة الحديث عنده من الجهة الأخرى". "النكت على ابن الصلاح"(٢/ ٧٨٥).
وقد يكون الحديث لم يقع له إلا من طريق هذا الضعيف كما تقدم في كلام الحافظ