للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل لا ينفع إلا الموافاة بقلب سليم من مرض الكفر والنفاق والخصال المذمومة والملكات المشؤومة).

قلت: فأما إن صرف المال في وجوه البر وكان بنوه صالحين فإنه ينتفع بهم، فيكون المال والبنون حينئذ من الباقيات الصالحات.

ففي التنزيل:

١ - قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: ٤٦].

٢ - وقال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢].

ومن كنوز السنة العطرة في آفاق ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: [كانَ أبو طَلْحَةَ - رضي الله عنه - أكثرَ الأنصار بالمدينة مالًا مِنْ نَخْل، وكانَ أَحَبُّ أمْوالِهِ إليه بَيْرَحَاء، وكانت مستقبلةَ المسجد (١)، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخُلُها ويَشْرَبُ مِنْ ماءٍ فيها طَيِّبٍ (٢). قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن الله تعالى أَنْزلَ عَلَيْك: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإنَّ أحَبَّ مالي إليَّ بَيْرَحاءُ، وإنها صَدَقَةٌ لله تعالى أرجو بِرَّها (٣) وذُخْرَها عند الله تعالى، فَضَعْها يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أراك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بخٍ (٤)! ذلكَ مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سَمِعْتُ ما قُلْتَ، وإني أرى أن تَجْعَلَها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فَقَسَّمَها أبو طلحة في أقاربه، وبني عَمِّه] (٥).

الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن عقبة بن عامر يقول: سمعت


(١) أي: المسجد النبوي. وبَيْرَحاءُ: حَدِيقَةُ نَخْلٍ، وروي بكسر الباء وفتحها.
(٢) أي: ماء عذب.
(٣) "بِرَّها": أي خيرها، و"وذُخرها" أي: أجرها عند الله تعالى.
(٤) "بَخٍ" بفتح الموحدة وسكون المعجمة، وقد تنون مع التثقيل والتخفيف، بالكسر والرفع: كلمة تقال لتفخيم الأمر والإعجاب به.
(٥) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (٣/ ٢٥٧)، وأخرجه مسلم في الصحيح (٩٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>