للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠)}.

في هذه الآيات: تكذيبُ عاد رسولهم الذي حذّرهم نقمة الله بهم إن أصرّوا على شركهم وكبرهم، وكفرهم بنعمه تعالى عليهم، فما زالوا في عنادهم واستهزائهم حتى نزل أمر هلاكهم من الله العزيز الرحيم، وقد كان سبق في علم الله أن أكثرهم لا يؤمنون.

فقوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}. أي: كذبوا رسولهم- هودًا- صلى الله عليه وسلم -، فهم بذلك يكذبون جميع المرسلين.

قال القرطبي: (التأنيث بمعنى القبيلة والجماعة). وقال النسفي: (هي قبيلة، وفي الأصل اسم رجل هو أبو القبيلة).

وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

قال ابن كثير: (وهذا إخبارٌ من الله تعالى عن عبده ورسوله هُودٍ - عليه السلام -: أنه دعا قومه عادًا وكانوا قومًا يسكنُون الأحقاف، وهي جبالُ الرمل قريبًا من بلاد حَضْرَموتَ، متاخمةٌ لبلاد اليمن، وكان زمانُهم بعد قوم نوح، كما قال في سورة الأعراف: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: ٦٩]، وذلك أنهم كانوا في غاية من قُوَّة التركيب، والقُوَّة والبطش الشديد، والطولِ المَديدِ، والأرزاقِ الدارَّة، والأموالِ والجَنّاتِ والعيونِ، والأبناء والزروع والثمار، وكانوا مع ذلك يعبدون غيرَ الله معه، فبعث الله إليهم رجلًا منهم رسولًا وبشيرًا ونذيرًا، فدعاهم إلى الله وحدَه، وحذّرهم نِقمَتَه وعذابه في مخالفته، فقال لهم كما قال نوح لقومه).

وقوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}.

الرِّيع كل مكان مشرف من الأرض مرتفع، أو طريق أو واد. قال الرازي في "مختار الصِّحاح": (و"الرِّيع" بالكسر المُرْتَفِع من الأرض، وقيل الجبل، ومنه قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>