للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قال الزجاج: (المعنى: ولقد آتينا لقمان الحكمة لأن يشكر الله تعالى).

٤ - وقيل: (أي بأن اشكر الله تعالى فَشَكَر، فكان حكيمًا بشكره لنا). قال ابن جرير: (وجعل قوله: {أَنِ اشْكُرْ} ترجمة عن الحكمة، لأن من الحكمة التي كان أوتيها، كان شكره الله على ما آتاه).

قلت: وكلها تفاسير يحتملها البيان الإلهي المعجز، وتزيد في مفهوم الآية تبيانًا وإفهامًا. والشكر لله طاعته فيما أمر به، وقد نبّه الله تعالى على أن الحكمة الأصلية والعلم الحقيقي هو العمل بهما وعبادة الله والشكر له. حتى قيل: لا يكون الرجل حكيمًا حتى يكون حكيمًا في قوله وفعله ومعاشرته وصحبته.

قال السري السقطي: (الشكر أن لا تعصي الله بنعمه). وقال الجنيد: (أن لا ترى معه شريكًا في نعمه). وقيل: هو الإقرار بالعجز عن الشكر. وقيل: (شكر القلب المعرفة، وشكر اللسان الحمد، وشكر الأركان الطاعة، ورؤية العجز في الكل دليل قبول الكل).

وقوله: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}. أي: إنما يرجع ثواب الشكر على الشاكرين، وينقذه الله به كي لا يكون من الهالكين.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧].

٢ - وقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: ٤٤].

ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج ابن حبان في صحيحه، والبغوي في "شرح السنة" بسند حسن عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الشكر الحمد لله] (١).


(١) حديث حسن. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٢٣٢٦)، والبغوي في "شرح السنة" (١/ ١٤٤/ ٢)، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (٢/ ٢)، وانظر سنن ابن ماجة - حديث رقم - (٣٨٠٠) نحوه، وسلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>