في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصبر، وكشف محاولات الكفار إصابته -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعين والسحر، واتهامه كذلك بالجنون، وهذا الوحي ونبي الحق إنما هما شرف للعالمين.
فقوله:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}. تَخْفِيفٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتسليةٌ له. أي: اصبر يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم، فإن اللَّه سيحكمُ لك عليهم، وامض في دعوتك، وستكون العاقبة لك وللمؤمنين في الدارين.
وقوله:{وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}. أي الذي حبسه في بطنه، وهو يونس بن متى عليه الصلاة والسلام. قال ابن جرير:({وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} فيعاقبك ربك على تركك تبليغ ذلك، كما عاقبه فحبسه في بطنه).
قال قتادة:({وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} يقول: لا تعجل كما عجل، ولا تغضب كما غضب).
وقوله:{إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}. قال ابن عباس:(يقول: مغموم). وقال عطاء:(مكروب). أي قد أثقله الكرب والغَمُّ وكظمه. قال النسفي:({وَهُوَ مَكْظُومٌ} مملوء غيظًا، من كظم السقاء إذا ملأه).
وقوله:{لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ}. أي: لولا أن تداركه اللَّه برحمته واستجاب دعاءه. {لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ}: أي لنبذ من بطن الحوت بالفضاء من الأرض. {وَهُوَ مَذْمُومٌ} أي: معاتب بزلته. قال ابن عباس:({وَهُوَ مَذْمُومٌ} يقول: وهو مليم). وقال المعتمر عن أبيه عن أبي بكر:(وهو مذنب).