للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٥٢)}.

في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصبر، وكشف محاولات الكفار إصابته -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعين والسحر، واتهامه كذلك بالجنون، وهذا الوحي ونبي الحق إنما هما شرف للعالمين.

فقوله: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}. تَخْفِيفٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتسليةٌ له. أي: اصبر يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم، فإن اللَّه سيحكمُ لك عليهم، وامض في دعوتك، وستكون العاقبة لك وللمؤمنين في الدارين.

وقوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}. أي الذي حبسه في بطنه، وهو يونس بن متى عليه الصلاة والسلام. قال ابن جرير: ({وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} فيعاقبك ربك على تركك تبليغ ذلك، كما عاقبه فحبسه في بطنه).

قال قتادة: ({وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} يقول: لا تعجل كما عجل، ولا تغضب كما غضب).

وقوله: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}. قال ابن عباس: (يقول: مغموم). وقال عطاء: (مكروب). أي قد أثقله الكرب والغَمُّ وكظمه. قال النسفي: ({وَهُوَ مَكْظُومٌ} مملوء غيظًا، من كظم السقاء إذا ملأه).

وقوله: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ}. أي: لولا أن تداركه اللَّه برحمته واستجاب دعاءه. {لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ}: أي لنبذ من بطن الحوت بالفضاء من الأرض. {وَهُوَ مَذْمُومٌ} أي: معاتب بزلته. قال ابن عباس: ({وَهُوَ مَذْمُومٌ} يقول: وهو مليم). وقال المعتمر عن أبيه عن أبي بكر: (وهو مذنب).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)} [الصافات: ١٤٣ - ١٤٤].

٢ - وقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} [الأنبياء: ٨٧ - ٨٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>