للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَهَنَمَ، فأكونُ أنا وأمتي أوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم! سَلِّمْ، سَلِّم] (١).

وفي صحيح مسلم -أيضًا- من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلِّم سلِّم. فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مُسَلَّم (٢)، ومخدوش مرسَل (٣)، ومكدوس في نار جهنم (٤)، حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيدهِ ما من أحد منكم بأشدّ مناشدةً في الحق -قد تبين لكم- من المؤمنين للَّه يوم القيامةِ لإخوانهم الذين في النار. يقولون: ربنا! كانوا يصومون معنا، ويصلون ويحجّون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقًا كثيرًا] الحديث (٥).

وقوله: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ}. أي الكائن الواقع لا محالة. يعني يوم القيامة.

وقوله: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا}. قال قتادة: (سبيلًا. قال: اتخذوا إلى اللَّه مآبًا بطاعته، وما يقربهم إليه). وقال سفيان: (مرجعًا منزلًا).

والمقصود: فمن أراد النجاة اتخذ مرجعًا وطريقًا إلى اللَّه سبحانهُ، بالتقرب إليه بالإيمان والعمل الصالح.

وقوله: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا}. قال ابن جرير: (يقول: إنا حذرناكم أيها الناس عذابًا قد دنا منكم وقرب). قال ابن كثير: (يعني يوم القيامة، لتأكُّد وقوعه صار قريبًا، لأنَّ كلَّ ما هو آتٍ آتٍ).

وقوله: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}. أي: ذلكَ العذاب يوم يعرض على الإنسان جميع أعماله أولها وآخرها، قديمها وحديثها، خيرها وشرها.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٨٢)، كتاب الإيمان. باب معرفة طريق الرؤية، في أثناء حديث.
(٢) أي: نجاة وسلامة.
(٣) أي: خدش، ولكن صاحبه ينطلق ويصل مع الإرهاق.
(٤) أي: متراكم بعضه فوق بعض في جهنم.
(٥) حديث صحيح. رواه مسلم (١/ ١١٨). وانظر تفصيل البحث في كتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان - بحث: الصراط على جهنم والشفاعة (٢/ ٧٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>