للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن وافق الخطيب أيضاً في استنباط هذه الدلالة من سياق الآية: البيضاوي، والخازن، والبقاعي، وحقي، وغيرهم. (١)

ويؤيد هذا المعنى قول ابن القيم: (ولما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه، أمرَه أن يستعين به ليجتمع له مقام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فإن حرصه على ما ينفعه عبادة لله، ولا تتم إلا بمعونته، فأمره بأن يعبده، وأن يستعين به.) (٢)

وقال البقاعي: (وأعقبه بقوله مكرراً للضمير حثاً على المبالغة في طلب العون {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشارة إلى أن عبادته لا تتهيأ إلا بمعونته). (٣)

وقد ذكر الخازن، والألوسي وجوهاً أُخر في مناسبة هذا التقديم، بعضها لا يخلو من بُعد. (٤)

وبهذا يتبين صحة استنباط الخطيب، ودقة هذه الدلالات المستفادة من سياق الآية في التقديم والتأخير، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: أنوار التنزيل (١/ ٣٠)، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١/ ٣٣)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ١٣٥)، وروح البيان (١/ ٢٠)
(٢) شفاء العليل (١/ ١٩).
(٣) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١/ ٣٣)، وقال السيوطي في كلامه عن السببية: (ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في سورة الفاتحة؛ لأنها سبب حصول الإعانة.) الإتقان في علوم القرآن (٣/ ٤٥).
(٤) ينظر: لباب التأويل (١/ ٢٠)، وروح المعاني (١/ ٩١).

<<  <   >  >>