للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدول عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} قال الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (فإن قيل: لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ أجيب: بأنّ عادة العرب التفنن في الكلام، والعدول من أسلوب إلى آخر تحسيناً للكلام وتنشيطاً للسامع، فيكون أكثر إصغاءً للكلام فتعدِل من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم وبالعكس فيهما). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على استنباط بلاغي وهو فائدة العدول عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وهي: تحسين الكلام، وتنشيط السامع، فيكون أكثر إصغاءً للكلام، وهذا يسمى بالالتفات في علم البيان، وقد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم (٢)، وذلك جارٍ على عادة العرب في افتنانهم في الكلام وتصرفهم فيه، ولأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب، كان ذلك أنشط للسامع، وأيقظ للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد. (٣)

قال أبو حيان: ({إِيَّاكَ} التفات لأنه انتقال من الغيبة، إذ لو جرى على نسق واحد لكان (إياه). والانتقال من فنون البلاغة - إلى أن قال-: وفائدته في (إياك نعبد) أنه لما ذكر أن الحمد لله المتصف بالربوبية، والرحمة، والملك لليوم المذكور،


(١) السراج المنير (١/ ١٠)
(٢) ينظر: البديع في البديع لابن المعتز (١/ ١٥٢)، ونهاية الأرب في فنون الأدب للنويري (٧/ ١١٦)
(٣) ينظر: الكشاف للزمخشري (١/ ١٣ ومابعدها).

<<  <   >  >>