للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثقاتهم وأهل النصح فيهم، وإن كان هو بعلمه وحكمته سبحانه غني عن المشاورة. (١)

وممن نصَّ على هذه الفائدة من الآية موافقاً الخطيب: الزمخشري، والرازي، والبيضاوي، والنسفي (٢)، وحقي، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي (٣)، وغيرهم. (٤)

وقد يكون الغرض من إخبار الملائكة بذلك هو أن يسألوا ذلك السؤال، ويجابوا بما أُجيبوا به، فيعرفوا حكمته تعالى في استخلافهم قبل كونهم، حتى لايقع منهم الاعتراض في ذلك الوقت، أو ليستخرجَ ما عندهم ويُظهر مكنونات صدورهم وهو تعالى أعلم بذات الصدور، أفاده القاسمي. (٥)

قال الرازي: (فإن قيل ما الفائدة في أن قال الله تعالى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} مع أنه مُنزّه عن الحاجة إلى المشورة، والجواب من وجهين: الأول: أنه تعالى علِم أنهم إذا اطلَّعوا على ذلك السر أوردوا عليه ذلك السؤال، فكانت المصلحة تقتضي إحاطتهم بذلك الجواب فعرَّفهم هذه الواقعة لكي يوردوا


(١) ينظر: روح البيان لحقي (١/ ٩٤).
(٢) هو: عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، أبو البركات، كان إماماً في كثير من العلوم، ومصنفاته في الفقه والأصول أكثر من أن تحصى، له (مدارك التنزيل) في التفسير وغيره، توفي سنة ٧١٠ هـ.
ينظر: طبقات المفسرين للأدنه وي ص ٢٦٣، والأعلام (٤/ ٦٧).
(٣) هو: جمال الدين محمد بن سعيد القاسمي، إمام الشام في عصره، إمام مجتهد، لا يقول بالتقليد، له مصنفات في التفسير والأدب، توفي سنة ١٣٣٢ هـ. ينظر: الأعلام ٢/ ١٣٥.
(٤) ينظر: الكشاف (١/ ١٢٤)، والتفسير الكبير (٢/ ٣٨٩)، وأنوار التنزيل (١/ ٦٨)، ومدارك التنزيل (١/ ٧٨)، وروح البيان (١/ ٩٤)، وفتح القدير (١/ ٧٤)، ومحاسن التأويل (١/ ٢٨٥).
(٥) ينظر: محاسن التأويل للقاسمي (١/ ٢٨٥)

<<  <   >  >>