للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قال ابن عباس: «علمه أسماء كل شي حتى القصعة، والمغرفة». (١)

وممن نصَّ على هذه الدلالة من الآية: القرطبي، والسيوطي، وابن كثير، وحقي، والقاسمي، وابن عثيمين، وغيرهم. (٢)

ويدل له قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣] ووجهه: أنه تعالى ذمَّهم على تسمية بعض الأشياء بما سمَّوها به، ولولا أن تسمية غيرها من الله توقيف، لما صح هذا الذم، لكون الكل اصطلاح منهم. (٣)

وفي الصحيح في حديث الشفاعة: «فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس ... وعلمك أسماء كل شيء .. الحديث» (٤)

فدلَّ هذا على أنه تعالى علَّمه أسماء جميع المخلوقات؛ وهو ظاهر قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]، وقوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥]، فهذا كله يؤيد القول بأنها توقيفية.

وخالف في هذا ابن عاشور فقال: (وليس في هذه الآية دليل على أن اللغات توقيفية - أي لقَّنها الله تعالى البشر على لسان آدم- ولا على عدمه؛ لأن طريقة التعليم في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} مجملة، محتملة لكيفيات -كما


(١) ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (١/ ١١٦)، وتفسير السمعاني (١/ ٦٥)
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٨٢)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ٢٢٣)، والإكليل (١/ ٢٨)، وروح البيان (١/ ١٠٠)، ومحاسن التأويل (٩/ ٧٦)، وتفسير العثيمين: سورة البقرة (١/ ١٢٠)
(٣) ينظر: الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي (١/ ٢٥٠)
(٤) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قول الله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} عن أنس -رضي الله عنه- مرفوعًا، رقم (٤٤٧٦)، (٦/ ١٧)

<<  <   >  >>