للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المسألة قيل عنها: أنه لا ينبني على الخلاف فيها حكم، وأن ذِكرها في الأصول فضول، وأن الخلاف فيها طويل الذيل قليل النيل. (١)

والذي يظهر - والله تعالى أعلم – وقال به جماعة من الصحابة والتابعين (٢)، وجمع من أهل العلم أن اللغات مبدؤها توقيفي وباقيها مما اصطلح عليه الناس. (٣)

قال ابن عثيمين في معرض ذكره لفوائد هذه الآية:

(ومنها: أن اللغات توقيفية وليست تجريبية؛ «توقيفية» بمعنى أن الله هو الذي علَّم الناس إياها، ولولا تعليم الله الناسَ إياها ما فهموها، وقيل: إنها «تجريبية» بمعنى أن الناس كوَّنوا هذه الحروف والأصوات من التجارب، فصار الإنسان أولاً أبكم لا يدري ماذا يتكلم، لكن يسمع صوت الرعد، يسمع حفيف الأشجار، يسمع صوت الماء وهو يسيح على الأرض، وما أشبه ذلك؛ فاتخذ مما يسمع أصواتاً تدل على مراده؛ ولكن هذا غير صحيح؛ والصواب أن اللغات مبدؤها توقيفي؛ وكثير منها كسبي تجريبي يعرفه الناس من مجريات الأحداث؛


(١) ينظر: حاشية العطار على جمع الجوامع (١/ ٣٥٢)، والمستصفى للغزالي (١/ ١٨١)
(٢) وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم، ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (١/ ١١٦)، وتفسير السمعاني (١/ ٦٥)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ٢٢٣)
(٣) وهو مذهب أبي الحسن الأشعري وأتباعه، وابن فورك من الشافعية وابن الحاجب، وابن قدامة المقدسي الحنبلي، والظاهرية، واختاره الطوفي وغيره من الحنابلة. ينظر: شرح الكوكب المنير لابن النجار (١/ ٢٨٥)، وروضة الناظر لابن قدامة (١/ ٤٨٧)، ومجموع الفتاوى لابن تيمة (١٢/ ٤٤٧)، ومذكرة في أصول الفقه للشنقيطي (١/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>