للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أنّ آدم أفضل من الملائكة، لأنه أعلم منهم والأعلم أفضل لقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، ولأمر الله تعالى للملائكة بالسجود له عليه السلام، والمسجود له أفضل من الساجد، فدلَّ على أفضليته عليهم، وهذا يدلُّ على أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة. (١)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: السمعاني، والبغوي، والخازن، والسيوطي، وأبو السعود، والقاسمي، وغيرهم. (٢)

قال البغوي: (أظهر الله تعالى فضله عليهم بالعلم، وفيه دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة، وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة والجماعة). (٣)

واستدلَّ من فضَّلهم على الملائكة بهذه الآية، وبقوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٨٥ - ٨٦] لأن العالَم اسم لكل موجود سوى الله تعالى فيدخل فيه الملَك، فيقتضي أن الأنبياء أفضل من الملائكة.

ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧] بالهمز، من برأ الله الخلق. وقوله عليه الصلاة والسلام: (وإن الملائكة لتضع


(١) ينظر لوامع الأنوار البهية (٢/ ٣٩٨)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٤)، والصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة لابن القيم (٣/ ١٠٠٢)، وشرح الطحاوية لصالح آل الشيخ (١/ ١٠٥).
(٢) ينظر: تفسير السمعاني (١/ ٦٥)، ومعالم التنزيل (١/ ١٠٣)، ولباب التأويل (١/ ٣٦)، والإكليل في استنباط التنزيل (١/ ٢٨)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٨٦)، ومحاسن التأويل (١/ ٢٨٧).
(٣) معالم التنزيل (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>