للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة من حكاية خبر الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت.

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: ٢٤٣]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (فائدة هذه القصة تشجيع المسلمين على الجهاد والتعرض للشهادة، وحثُّهم على التوكل والاستسلام للقضاء فإنّ الموت إذا لم يكن منه بُد، ولم ينفع منه مفرّ، فأولى أن يكون في سبيل الله تعالى). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فائدة ذكر هذه القصة، وأن المقصود منها موعظة المسلمين بترك الجُبن، وتشجيعهم على الجهاد، وحثهم على التوكل والاستسلام للقضاء؛ لأن الخوف من الموت لا يدفع الموت، فهؤلاء الذين ضُرِب بهم هذا المثل خرجوا من ديارهم خائفين من الموت (٢)، فلم يُغن خوفهم عنهم شيئاً، وأراهم الله الموت ثم أحياهم، ومحل العبرة من القصة هو: أنهم ذاقوا


(١) السراج المنير (١/ ١٨٢)، وهو استنباط تربوي، وذكر بعض المفسرين فوائد أخرى من الآية منها: دلالة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عمن قبله ولم يكن قرأ الكتب، فظهر ذلك عند اليهود والنصارى وعرفوا أنه حق. ومنها إبطال قول من يقول: إن الإحياء بعد الموت لا يجوز، وينكر عذاب القبر لأن الله تعالى يخبر أنه قد أماتهم ثم أحياهم. ينظر: تفسير القرآن للسمرقندي (١/ ١٥٩)، والإكليل (١/ ٦٠)، وتفسير العثيمين (٣/ ١٩٨)
(٢) قوله تعالى {حَذَرَ الْمَوْتِ} فيه قولان: أحدهما: أنهم فرّوا من الطاعون، وهذا قول الحسن، والقول الثاني: أنهم فروا من الجهاد، وهذا قول عكرمة والضحاك. ينظر: جامع البيان (٥/ ٢٧٧)، والنكت والعيون (١/ ٣١٢).

<<  <   >  >>