للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموت الذي فرُّوا منه، ليعلموا أن الفرار لا يغني عنهم شيئاً، ويعلموا أن الموت والحياة بيد الله، كما قال تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} [الأحزاب: ١٦].

ففي هذه الآية دليل على أنه لن يغني حذر من قدر، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فالموت إذا لم يكن منه بد ومفرّ، فأولى أن يكون في سبيل الله تعالى، فإن كان قد حان الأجل فموت في سبيله تعالى خير سبيل، وإلا فنصرٌ وثواب. (١)

قال الطبري مؤيداً هذه الدلالة: (وإنما حث الله تعالى ذكره عباده بهذه الآية، على المواظبة على الجهاد في سبيله، والصبر على قتال أعداء دينه، وشجَّعهم بإعلامه إياهم وتذكيره لهم، أن الإماتة والإحياء بيديه وإليه دون خلقه، وأن الفرار من القتال، والهرب من الجهاد، ولقاء الأعداءإلى التحصن في الحصون، والاختباء في المنازل والدور، غير منجٍ أحداً من قضائه إذا حلَّ بساحته). (٢)

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة: الطبري، والزجاج، والزمخشري، والرازي، والبيضاوي، والنسفي، وأبو حيان، والنيسابوري، وأبو السعود، وحقي، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي، والشنقيطي، وغيرهم. (٣)

قال الشنقيطي مبيناً غرض الآية: (المقصود من هذه الآية الكريمة، تشجيع المؤمنين على القتال بإعلامهم بأن الفرار من الموت لا ينجي، فإذا علم الإنسان أن


(١) ينظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٦٦١)، والتحرير والتنوير (٢/ ٤٨٠).
(٢) جامع البيان (٥/ ٢٧٨).
(٣) ينظر: جامع البيان (٥/ ٢٧٨)، ومعاني القرآن وإعرابه (١/ ٣٢٣)، والكشاف (١/ ٢٩٠)، والتفسير الكبير (٦/ ٤٩٨)، وأنوار التنزيل (١/ ١٤٩)، ومدارك التنزيل (١/ ٢٠٢)، والبحر المحيط (٢/ ٥٦٣)، وغرائب القرآن (١/ ٦٦١)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٢٣٨)، وروح البيان (١/ ٣٧٨)، وفتح القدير (١/ ٣٠٠)، ومحاسن التأويل (٢/ ١٧٥)، وأضواء البيان (١/ ١٥٢).

<<  <   >  >>