للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كرامة الأولياء.

قال الله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: ٣٧]

قال الخطيب الشربيني – رحمه الله -: (قوله تعالى {قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} أي: من أين لك هذا الرزق الآتي في غير أوانه والأبواب مغلقة عليك؟ {قَالَتْ} وهي صغيرة {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} يأتيني به من الجنة، قيل: تكلمت في المهد وهي صغيرة كما تكلم ابنها عيسى وهو صغير في المهد، ولم ترضع ثدياً قط، وكان رزقها ينزل عليها من الجنة (١)، وفي هذا دليل وأي دليل على كرامة الأولياء، وليس ذلك معجزة لزكريا كما زعمه جماعة (٢)؛ لأنّ ذلك مدفوع باشتباه الأمر عليه، حتى قال لها أنى لك هذا؟ ولو كان معجزة له لادّعاها وقطع بها؛ لأنّ النبيّ شأنه ذلك، ويدل عليها غير ذلك كقصة أصحاب الكهف، ولبثهم في الكهف سنين عدداً بلا طعام ولا شراب .. - إلى أن قال- وبالجملة فكرامات الأولياء حق ثابتة بالكتاب والسنة). (٣)


(١) وهو قول الحسن، ينظر: النكت والعيون (١/ ٣٨٨)، والبحر المحيط (٣/ ١٢٣).
(٢) هم طوائف من العقلانيين منهم المعتزلة، أنكروا كرامة الأولياء، وقالوا ليس لولي كرامة؛ لأنه لو صح أن يكون لولي كرامة لاشتبهت كرامات الأولياء بمعجزات الأنبياء، وحينئذ تشتبه الكرامة بالنبوة، ويشتبه الولي بالنبي، وهذا قدح في النبوة وقدح في الشريعة. ينظر: شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز ص ٤٩٨.
(٣) السراج المنير (١/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>