للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون: لا يتقبل الله إلا من اتقى الكبائر، ويقولون صاحب الكبائر لا تقبل له حسنة بحال، والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك فهو من المتقين وإن عمل الكبائر وترك الصلاة، والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل الله إلا ممن اتقاه في ذلك العمل ففعله كما أمر به مخلصاً.) (١)

هذا تحقيق مذهب السلف الذي باينوا فيه الخوارج المارقين، وباينوا فيه المعتزلة الذين وافقوا الخوارج في المعنى وخالفوهم في اللفظ.

وقد دلَّ الكتاب والسنة من وجوه كثيرة على أن العبد يكون فيه خير وشر، وإيمان، وخصال كفر، وخصال نفاق، لا تخرجه عن الإيمان بالكلية. وأن الإيمان المطلق إنما يتناول الإيمان الممدوح الكامل كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: ٢ - ٣] ونحو ذلك من النصوص.

وأما مطلق الإيمان الذي يدخل فيه الإيمان الكامل والإيمان الناقص، فإنه قد ثبت في الكتاب والسنة إطلاقه على العصاة من المؤمنين، وأجمع على ذلك سلف الأمة وأئمتها (٢)، قال تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]، ومن المعلوم دخول أي مؤمن من الأرِقّاء في هذا النص، وكذلك قوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] فسماهم إخوة بعد وجود الاقتتال. فالإيمان الذي يمنع


(١) المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال (١/ ٣٨٣).
(٢) ينظر: متن الطحاوية بتعليق الألباني (١/ ٦٥)، والإيمان لابن تيمية (١/ ١٧٦)

<<  <   >  >>