للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التنبيه على تعنت أهل الكتاب وعدم طلبهم حكم الله حقيقة، وإنما طلباً للرخصة.

قال الله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٤٣]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} استفهام تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به، والحال أنّ الحكم منصوص عليه في كتابهم الذي هو عندهم، وتنبيه على أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبوا منه ما يكون أهون عليهم وإن لم يكن حكم الله تعالى في زعمهم). (١)

وجه الاستنباط:

أن من عدَل عن حكم الله في كتابه الذي يدّعي أنه مؤمن به إلى تحكيم من لا يؤمن به ولا بكتابه، فهو لا يُحكِّم إلا رغبة فيما يقصده من مخالفة كتابه. وإذا خالفوا كتابهم لكونه ليس على وفق شهواتهم؛ فمخالفتهم لمحمد عليه الصلاة والسلام إذا لم يوافقهم أولى وأحرى. (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة النص من هذه الآية أن اليهود ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبوا منه ما يكون أهون عليهم، لأن الاستفهام


(١) السراج المنير (١/ ٤٣٥).
(٢) ينظر: البحر المحيط لأبي حيان ٤/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>