للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا.

قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} أي: طريقاً واضحاً في الدين ناسخاً لما قبله، وقد جعلنا شرعتك ناسخة لجميع الشرائع، وأمثاله مما يدلّ على أنّا لسنا متعبدين بالشرائع المتقدّمة، وأنّ كل رسول غير متعبد بشرع من قبله وهو محمول على الفروع، وما دلّ على الاجتماع كآية {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} (١) محمول على الأصول). (٢)

وجه الاستنباط:

أن قوله تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} يقتضي أن يكون كل نبي داعياً إلى شريعته فقط؛ لاختصاصه بها لا يشاركه في هذه الشريعة غيره من الأنبياء، فتكون كل أمَّة مختصة بالشريعة التي جاء بها نبيهم فحسب.

الدراسة:

استنبط الخطيب دلالة هذه الآية على أن شرع من قبلنا لا يلزمنا، لأن قوله {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} يدل باللازم على أنه يجب أن يكون كل رسول


(١) وهي قوله تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣].
(٢) السراج المنير ١/ ٤٧٨.

<<  <   >  >>