للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تعلق القائلون بأنا لسنا متعبدين بشريعة من قبلنا بهذه الآية التي هي نص في المسألة، إذْ تفيدُ اختصاصَ كلّ رسول بشريعة لا يشاركه فيها غيره.

والذي يظهر أن اشتراك الشريعتين في بعض الأحكام لا ينفي اختصاص كلِّ نبي بشريعة اعتباراً بالأكثر- وهو ما اختلفوا فيه - لأن الشريعتين إذا اشتركتا في بعضِ الأحكام واختلفتا في بعضِها، صحَّ أنْ يكونَ شرعُ إحدى الشريعتين شرعًا لمن بعدَها؛ باعتبارِ البعضِ المتَّفقِ عليه، وصحَّ أنْ يكونَ لكلٍّ من النبيين شِرعة ومنهاج؛ باعتبار البعض المختلف فيه من غير تنافٍ، وعليه فقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} لا ينفي كون شرع من قبلنا شرعاً لنا في بعض الأحكام. (١)

قال أبو السعود: (قيل فيه دليل على أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا، والتحقيق أنا متعبدون بأحكامها الباقية من حيث إنها أحكام شرعتنا لا من حيث إنها شرعة للأولين). (٢)

وممن ذكر دلالة هذه الآية على معنى أننا غير متعبدين بشرع من قبلنا: ابن عطية، والقرطبي، والنسفي، وابن جزي، والسيوطي، وغيرهم. (٣) واختاره: الرازي، والبيضاوي. (٤)


(١) ينظر: شرح مختصر الروضة للصرصري (٣/ ١٧٧).
(٢) إرشاد العقل السليم ٣/ ٤٦.
(٣) ينظر: المحرر الوجيز ٢/ ٢٠٠، والجامع لأحكام القرآن ٦/ ٢١١،، ومدارك التنزيل ١/ ٤٥٢، والتسهيل ١/ ٢٣٤، والإكليل ١/ ١١٢.
(٤) ينظر: التفسير الكبير ١٢/ ٣٧٢ وأنوار التنزيل ٢/ ١٢٩.

<<  <   >  >>