للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علَّة النهي عن موالاة أهل الكتاب.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ٥١]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قوله تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فيه إيماء إلى علة النهي، أي: فإنهم متفقون على خلافكم يوالي بعضهم بعضاً لاتحادهم في الدين وإجماعهم على مضارتكم). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من إشارة قوله تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} علة النهي عن الولاية وهو اجتماعهم في الكفر والممالأة على المؤمنين (٢)، والغرض منها تحذير المؤمنين وتعريفهم شرَّ عدوهم.

قال الطبري: (قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} عنى بذلك: أن بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين، ويد واحدة على جميعهم، وأن النصارى كذلك، بعضهم أنصار بعض على من خالف دينهم ومِلَّتهم، مُعرفاً بذلك عباده المؤمنين: أن من كان لهم أو لبعضهم ولياً، فإنما هو وليهم على من خالف ملَّتهم ودينهم من المؤمنين، كما اليهود والنصارى لهم حرب. فقال- تعالى ذكره - للمؤمنين: فكونوا أنتم أيضا بعضكم أولياء بعض، ولليهودي والنصراني حرباً كما هم لكم حرب،


(١) السراج المنير ١/ ٤٣٧.
(٢) ينظر: البحر المحيط لأبي حيان ٤/ ٢٩١

<<  <   >  >>