للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمّا ذكر سبحانه وعده بتكفير ذنوب أهل الكتاب بقوله {لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} مع عظمها وكثرتها بدلالة صيغة الجمع في السيئات، دلّ بمفهوم الموافقة على أن باب التوبة مفتوح لكل عاص، وأن الله واسع الرحمة بعباده.

الدراسة:

استنبط الخطيب من هذه الآية دلالتها على سعة رحمة الله تعالى، وفتحه باب التوبة لكل عاص، وإن عظمت معاصيه وبلغت مبالغ سيئات اليهود والنصارى، حيث ذكر تعالى قبائح أهل الكتاب وأقوالهم الباطلة، ثم دعاهم إلى التوبة، وأنهم لو آمنوا بالله وملائكته، وجميع كتبه، وجميع رسله، واتقوا المعاصي، لكفر عنهم سيئاتهم ولو كانت ما كانت، ولأدخلهم جنات النعيم، فدلَّ على كرم الله تعالى ورحمته، وجوده على عباده. (١)

كما نبَّه تعالى بقوله عن أهل الكتاب {لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} على عظم معاصيهم وكثرة ذنوبهم وتنوعها، والتي من أعظمها ما هم عليه من الشرك بالله، والجحود لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي ولو بلغت ذنوبهم التي اقترفوها ما بلغت، وإن كانت في غاية العظم ونهاية الكثرة لن نؤاخذهم بها، وباب التوبة أمامهم مفتوح، فما الظن بمن هو دونهم في المعصية والإسراف على نفسه؟ لاشك أنه تعالى أرحم به وأكرم.

وهي إشارة حسنة، وافق الخطيب في استنباطها من الآية: القاسمي، والسعدي، وغيرهما. (٢) والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (١/ ٢٣٨).
(٢) ينظر: محاسن التأويل (٤/ ١٨٩)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>