للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجية سد الذرائع.

قال الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ١٠٨]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا} أي: اعتداءً وظلماً {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: جهلاً منهم بالله وبما يجب أن يذكر به، وفيه دليل على أنّ الطاعة إذا أدّت إلى معصية راجحة وجب تركها فإن ما يؤدّي إلى الشرّ شر). (١)

وجه الاستنباط:

أن اللَّه تعالى قد حرّم سبّ الأصنام التي يعبدها المشركون مع كون السب حمية لله وإهانة لأصنامهم؛ لكون ذلك السب ذريعة إلى أن يسبوا اللَّه تعالى.

الدراسة:

هذه الآية أصل في قاعدة سد الذرائع (٢)؛ حيث حرّم تعالى سبّ آلهة المشركين مع كون السبّ غيظاً وحميةً لله وإهانةً لآلهتهم، لكونه ذريعة إلى سبّهم لله تعالى، وكانت مصلحة ترك مسبّته تعالى أرجح من مصلحة سبِّنا لآلهتهم، وهذا كالتنبيه بل كالتصريح على المنع من الجائز لئلا يكون سببا في فعل ما لا يجوز (٣)، فاستنبط الخطيب منها بدلالة اللازم أنّ الطاعة إذا أدّت إلى معصية راجحة وجب تركها.


(١) السراج المنير ١/ ٥١٠
(٢) ينظر تأصيل هذه القاعدة وحجيتها في: الموافقات للشاطبي ٣/ ٧٦، والبحر المحيط للزركشي ٨/ ٨٩، وإرشاد الفحول للشوكاني ٢/ ١٩٤، والمهذب في علم أصول الفقه المقارن للنملة ٣/ ١٠١٦.
(٣) ينظر: إعلام الموقعين لابن القيم ٣/ ١٣٧

<<  <   >  >>