للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقوم أبداً، وأنك لا تقوم في بعض الأزمنة المستقبلة وهو موافق لقولك: لا أقوم، في عدم إفادة التأكيد، وقوله تعالى: {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} استدراك يريد أن يبين به أنه لا يطيق الرؤية، وفي تعليق الرؤية بالاستقرار أيضاً دليل على جوازها لأنّ استقرار الجبل عند التجلي ممكن بأن يجعل الله تعالى له قوّة على ذلك والمعلق على الممكن ممكن.) (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية جواز رؤية الله تعالى وإمكانها وعدم استحالتها عقلاً كما زعم نفاة الرؤية (٢)، بدليل قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}، فلو كانت الرؤية مستحيلة لما طلبها موسى - عليه السلام – من الله، لأنه كان أعلم بالله من أن يسأل ما يستحيل في وصفه، فلا يجوز أن يجهل موسى مثل ذلك، إذ معرفة الأنبياء لله ليس فيها نقص، وعليه فطلب المستحيل من الأنبياء غير ممكن، خاصة فيما يقتضي نسبة الجهل إليهم بالله تعالى.

وفي قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} دليل على جواز الرؤية أيضاً؛ لأنه لو كان مستحيل الرؤية لقال: لا أُرى. قال ابن عباس في رواية عطاء: «لن تراني في الدنيا». (٣)

وقد استنبط جواز الرؤية بدلالة هذه الآية جمهور المفسرين. (٤)


(١) السراج المنير (١/ ٥٨٦)
(٢) من أهل البدع والخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة كما سيأتي بيانه.
(٣) ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (٢/ ٤٠٦)، وزاد المسير (٢/ ١٥٢)
(٤) ينظر: التفسير الوسيط (٢/ ٤٠٦) تفسير السمعاني (٢/ ٢١٢)، ومعالم التنزيل (٢/ ٢٢٨)، والمحرر الوجيز (٢/ ٤٥٠)، وزاد المسير (٢/ ١٥٢)، والتفسير الكبير (١٤/ ٣٥٤)، والجامع لأحكام القرآن (٧/ ٢٧٩)، وأنوار التنزيل (٣/ ٣٣)، والتفسير المظهري (٣/ ٤٠٣)، والتسهيل (١/ ٣٠٠)، وتفسير القرآن العظيم (٣/ ٤٦٩)، والإكليل (١/ ١٣١)، وإرشاد العقل السليم (٣/ ٢٦٩)، وفتح القدير (٢/ ٢٧٦)، ومحاسن التأويل (٥/ ١٧٩).

<<  <   >  >>