للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الله تعالى خالق أفعال العباد جميعها خيرها وشرّها.

قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (في الآية دليل وحجة واضحة لمذهب أهل السنة في أن الله تعالى خالق أفعال العباد جميعها خيرها وشرّها؛ لأنه تعالى بين باللفظ الصريح أنه خلق كثيراً من الجنّ والإنس للنار، ولا مزيد على بيان الله تعالى؛ ولأن العاقل لا يختار لنفسه دخول النار، فلما عمل بما يوجب عليه دخول النار به عُلم أنّ له من يضطرّه إلى ذلك العمل الموجب لدخول النار وهو الله تعالى. (١)) (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على صحة مذهب أهل السنة في خلق الله تعالى أفعال العباد جميعها خيرها وشرّها، خلافاً لمن زعم غير ذلك؛ لأنه تعالى قال {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} فبيّن أنه خلق كثيراً من الجنّ والإنس للنار (٣)، واللام في {لِجَهَنَّمَ} للتعليل، أي خلقنا كثيراً لأجل جهنم (٤)، وهم الذين حقت عليهم


(١) قوله (يضطرّه إلى ذلك العمل الموجب لدخول النار وهو الله تعالى) هذه العبارة توهم موافقة مذهب الجبرية لكنها ليست كذلك، بدليل بيانه ورده على الجبرية في أكثر من موضع، كما يظهر جلياً في استنباطاته، ينظر منها على سبيل المثال: السراج المنير (٢/ ٢٦)
(٢) السراج المنير (١/ ٦١٠)
(٣) ينظر: جامع البيان (١٣/ ٢٧٦)، وتفسير القرآن للسمرقندي (١/ ٥٦٨)
(٤) ينظر: المرجع السابق، ومعالم التنزيل (٢/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>