للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوكل على الله مسبب الأسباب سبحانه.

قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ١٠]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قوله تعالى {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي: لا من عند غيره، وأما إمداد الملائكة وكثرة العدد والأُهب ونحوها فهي وسائط لا تأثير لها، فلا تحسبوا أن النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها، وفي ذلك تنبيه على أنّ الواجب على المسلم أن لا يتوكل إلا على الله تعالى في جميع أحواله، ولايثق بغيره، فإنّ الله تعالى بيده النصر والإعانة). (١)

وجه الاستنباط:

من حيث إن نظر العامة إلى الأسباب أكثر، فنبّه تعالى إلى أنه مسبب الأسباب. (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من قوله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} دلالتها باللازم على الإعراض عن الأسباب والإقبال على مسبب الأسباب سبحانه، حيث نبّه تعالى عباده أن لا يركنوا إلى الملائكة، وأن يكون توكلهم على الله لا على الملائكة الذين أُمدّوا بهم، فأعلمهم أنهم وإن قاتلوا معهم فليس للملائكة في ذلك أثر، إذ لم يكن النصر بالملائكة والجند وكثرة العدد، وإنما النصر من عند الله لا من عند غيره، فهو


(١) السراج المنير (١/ ٦٣٩)، وقوله: (وسائط لاتأثير لها) على معتقده الأشعري، ينظر رده في الاستنباط (٦)
(٢) ينظر: أنوار التنزيل ٢/ ٣٧، ولباب التأويل (١/ ٢٩٤)، وحاشية الشهاب على البيضاوي (٤/ ٣٣٢).

<<  <   >  >>