للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجوه: أنّ الله تعالى أذِن لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة، ولولا أنّه تعالى أمره بأن يستصحب أبا بكر في تلك الواقعة الحاسمة، وإلا لم يخصّه بهذه الصحبة من بين أهله وقرابته، فتخصيص الله تعالى له بهذا تشريف له.

والحق أن الفضيلة والشرف حصل لأبي بكر من وجوه أخرى كثيرة غير هذا الوجه؛ إذ لم يثبت أن الله تعالى أمره بذلك، وحاصل الروايات في هذا كما في صحيح البخاري وغيره، أن أبا بكر سأل النبي صلى الله عليه وسلم الصحبة، فقال عليه الصلاة والسلام: نعم. (١)

أما قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} ففيه النص على صحبته رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواه، فحقق الله تعالى له وصف الصحبة في كتابه متلواً إلى يوم القيامة. (٢)

قال السعدي: (وفي هذه الآية الكريمة فضيلة أبي بكر الصديق بخصِّيصَة لم تكن لغيره من هذه الأمة، وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة، وقد أجمع المسلمون على أنه هو المراد بهذه الآية الكريمة، ولهذا عدّوا من أنكر صحبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم كافراً، لأنه منكر للقرآن الذي صرّح بها (٣)). (٤)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة برقم (٣٩٠٥)، (٥/ ٥٩)
(٢) ينظر: روح المعاني للألوسي (٥/ ٢٩١)
(٣) قاله الحسين بن فضيل البجلي، ينظر: التفسير الكبير (١٦/ ٥٠)، والجامع لأحكام القرآن (٨/ ١٤٦)، وغرائب القرآن (٣/ ٤٧١).
(٤) تيسير الكريم الرحمن (١/ ٣٣٨)

<<  <   >  >>