للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله عليه السلام: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} إشارة إلى رعاية الأسباب المعتبرة في هذا العالم، وقوله: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} إشارة إلى عدم الالتفات إلى الأسباب بل إلى التوحيد المحض، والبراءة من كل شيء سوى الله تعالى). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على استنباط عقدي وفائدة جليلة وهي أن الحذر لا يرد القدر، وأنه لابد مع ذلك من ملاحظة الأسباب وإن كان كل شيء ماضٍ بقضاء الله وقدره؛ حيث قال يعقوب لأبنائه: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} لأنه خاف عليهم العين، لكثرتهم وبهاء منظرهم، وكونهم أبناء رجل واحد، وهذا سبب، ثم بيّن لهم أن ما وصَّاهم به ليس إلا تدبيراً في الجملة، وإنما التأثير وترتيب المنفعة عليه من الله تعالى فقال {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}. (٢)

وأراد يعقوب - عليه السلام - بقوله هذا تعليم أبنائه الاعتماد على توفيق الله ولطفه مع الأخذ بالأسباب، إذ المُقدّر لا بد أن يكون، ولهذا قال {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي: اعتمدت على الله، لا على ما وصيتكم به من السبب.


(١) السراج المنير (٢/ ١٣٦)
(٢) ينظر: إرشاد العقل السليم (٤/ ٢٩٢)

<<  <   >  >>