للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية أن التغليس بالفجر أفضل من التنوير؛ فإذا شرع المسلم في صلاته من أوّل الوقت لا تزال الظلمة باقية فتكون ملائكة الليل حاضرة لبقاء الظلمة، وأمّا إذا ابتدأ بالصلاة في وقت التنوير لم يتبق أحد من ملائكة الليل فلا يحصل هذا المعنى، فثبت بهذا أن الصلاة في أول وقتها أفضل.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، والقرطبي، والخازن، والنيسابوري، وغيرهم (١). (٢)

وقد اختلف العلماء في أفضلية وقت صلاة الفجر على قولين: الأول: أن التغليس بها أفضل (٣) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغَلَس. (٤)

وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح». يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ


(١) خالف الألوسي في هذه الدلالة، والظاهر خلاف قوله. ينظر: روح المعاني (٨/ ١٣١).
(٢) ينظر: التفسير الكبير (٢١/ ٣٨٤)، والجامع لأحكام القرآن (١٠/ ٣٠٧)، ولباب التأويل (٣/ ١٤٠)، وغرائب القرآن (٤/ ٣٧٦).
(٣) ينظر: التمهيد لابن عبدالبر ٤/ ٣٣٧، والاستذكار ١/ ٣٦، والمغني ١/ ٢٣٧، وحاشية العدوي ١/ ٣٠٧، والذخيرة للقرافي ٢/ ٢٩، والفواكه الدواني للنفراوي ١/ ١٦٦. والمجموع للنووي ٣/ ٥٣.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب وقت صلاة الفجر رقم (٥٥٣) ١/ ٢١٠، وباب صلاة النساء خلف الرجال رقم (٨٢٩) (١/ ٢٩٦)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس رقم (٦٤٥ – ٦٤٦) (١/ ٤٤٦).

<<  <   >  >>