للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشريف يحيى عليه السلام.

قال الله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: ١٣ - ١٥].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله - عن يحي عليه السلام: ({وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} أي: أول يوم يرى فيه الجنة والنار وهو يوم القيامة، وإنما قال: "حياً " تنبيهاً على كونه من الشهداء لأنه قُتِل، وقد قال تعالى {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران، ١٦٩].

ثم ذكر فروعاً، قال: (الأول: هذا السلام يمكن أن يكون من الله وأن يكون من الملائكة، وعلى التقديرين ففيه دلالة على تشريفه لأن الملائكة لا يُسلِّمون إلا عن أمر الله تعالى.

الثاني: ليحيى مزيَّة في هذا السلام على ما لسائر الأنبياء لقوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ} [الصافات، ٧٩]، {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات، ١٠٩]؛ لأنه تعالى قال {يَوْمَ وُلِدَ} وليس كذلك سائر الأنبياء.

الثالث: روي أن عيسى عليه السلام قال ليحيى عليه السلام: أنت أفضل مني لأن الله تعالى قال: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} وأنا سلمت على نفسي، قال الرازي: وهذا ليس بقوي لأن سلام عيسى على نفسه يجري مجرى سلام الله تعالى على يحيى؛ لأن عيسى معصوم لا يفعل إلا ما أمر الله تعالى. انتهى (١)، ولكن بين السلامين مزيّة.) (٢)


(١) التفسير الكبير (٢١/ ٥١٨)
(٢) السراج المنير (٢/ ٤٥٧).

<<  <   >  >>