للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآية فيها دلالتان:

الأولى: تشريف يحي عليه السلام.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على تشريف يحي عليه السلام وتفضيله؛ لأنه تعالى قال {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}، و (السلام) بمعنى السلامة والأمان من الآفات (١) وفيه معنى التحية والتشريف، وفي ذكر هذه الأحوال الثلاث «يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث» زيادة في العناية به عليه السلام، والمراد: سلام من الله عليه أو من الملائكة، والملائكة لا يسلمون إلا عن أمر الله تعالى (٢)، وهو كناية عن تكريم الله عبده بالثناء عليه في الملأ الأعلى كقوله {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: ٥٨].

وقد أثنى عليه سبحانه في هذه الآيات بذكر محامده وصفاته فقال سبحانه: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} فجمع بين القيام بحق الله وحق خلقه، ولهذا حصلت له السلامة من الله في جميع أحواله مبادئها وعواقبها، وذلك يقتضي سلامته من الشيطان، والشر، والعقاب في هذه الأحوال الثلاثة وما بينها، وأنه سالم من النار والأهوال (٣)، وإنما خصَّ هذه الأوقات الثلاثة بالسلام التي هي وقت ولادته، ووقت موته، ووقت بعثه، لأنها


(١) ينظر: جامع البيان (١٨/ ١٦٠)
(٢) قال أبو حيان: والأظهر أنه من الله لأنه في سياق (وآتيناه الحكم). البحر المحيط (٧/ ٢٤٦)
(٣) ينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (١/ ٤٩١)

<<  <   >  >>