للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فائدة قوله تعالى: {فَطَرَنَا}.

قال الله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: ٧٢].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({لَنْ نُؤْثِرَكَ} أي: نختارك {عَلَى مَا جَاءَنَا} على لسان موسى {مِنَ الْبَيِّنَاتِ} التي عايناها، وعلمنا أنه لا يقدر أحد على مضادتها. ولما بدؤوا بما يدل على الخالق من الفعل ترقَّوا إلى ذكره بعد معرفته بفعله إشارة إلى عُلوِّ قدره، فقالوا: {وَالَّذِي} أي: ولا نؤثرك بالاتباع على الذي {فَطَرَنَا} أي: ابتدأ خلقنا، إشارة إلى شمول ربوبية الله تعالى لهم وله ولجميع الناس، وتنبيهاً على عجز فرعون عند من استخفَّه، وفي جميع أقوالهم هذه من تعظيم الله تعالى عبارة وإشارة وتحقير فرعون أمر عظيم). (١)

وجه الاستنباط:

حيث جيء بالموصول {وَالَّذِي فَطَرَنَا} للإيماء إلى التعليل، لأن الفاطر هو المستحق بالإيثار. (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على ثبات السحرة، وتحقيرهم لشأن فرعون عند من استخفه من فحوى قوله تعالى: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا}، فذِكره تعالى بأنه فاطرهم، للإشعار بعلة الحكم؛ فإن خلقه تعالى لهم وكون


(١) السراج المنير (٢/ ٥٠١)
(٢) ينظر: التحرير والتنوير (١٦/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>